سياسة طوعية جديدة
حظي الري على الدوام بطابع الأولوية ضمن اهتمامات السلطات العمومية، نظرا للأهمية الأساسية التي يكتسيها بالنسبة للأمن الغذائي، وأهميته البالغة في تنمية الاقتصاد الوطني والقروي، ودوره الحاسم في التكيف مع التغيرات المناخية، ونتائجه الملموسة في مجال إنعاش الشغل في الوسط القروي ... غير أن الزراعة المسقية ظلت معرضة على مدى عقود، لندرة متزايدة للموارد المائية وذلك تحت التأثير المزدوج لفترات الجفاف المتتالية والطويلة وارتفاع الطلب على الماء من طرف باقي القطاعات الاقتصادية.
ومن أجل رفع التحدي المتمثل في إنتاج كميات أكبر من المنتجات الفلاحية باستعمال كميات أقل من الماء وبشكل مستدام وتنافسي، دخلت الفلاحة المسقية، منذ اعتماد مخطط المغرب الأخضر، عصرا جديدا عنوانه الرئيسي "ترشيد وتثمين مياه الري". وبناء على ذلك تم اعتماد سياسة طوعية من أجل تعميم تقنيات الري المقتصدة للماء وتثمين مياه الري الزراعي. وتمت ترجمة هذه السياسة في أربعة برامج رئيسية :
تثمين أفضل للموارد المائية
مكن تنفيذ البرنامج إلى حدود نهاية 2019 من إنجاز التهيئة الهيدروفلاحية على مساحة 000 800 هكتار، (منها 000 585 هكتار بالسقي الموضعي، أي حوالي 50 في المائة من المساحات المسقية على الصعيد الوطني)، وذلك لفائدة 000 235 ضيعة فلاحية، بمجهود استثمار إجمالي يناهز 36 مليار درهم.
تحول حوض أم الربيع
تمتد دوائر الري الكبير في الحوز ودكالة وتادلة على مساحة تناهز167 21 هكتار، ولقد أحدث مشروع عصرنة الفلاحة السقوية في حوض أم الربيع تحولا هاما في حياة قرابة 200 6 فلاح. هذا المشروع، أنجز خلال الفترة ما بين 2001 و2017 بتكلفة مالية تقدر بمليار درهم، مكن من عصرنة البنيات التحتية للري الفلاحي مع دعم ومواكبة الفلاحين من أجل التحول إلى الري الموضعي.
ومكن اعتماد نظام الري الموضعي المقتصد للماء والطاقة بدل أنظمة الري السطحي وبالرش، من التخفيف من استعمال المياه الجوفية بنسبة تعادل 50%، وكذا اقتصاد قرابة 40% من الموارد المائية المستعملة في السقي. وعرف تثمين هذه الموارد المائية تحسنا ملحوظا بفضل مختلف التجهيزات الأساسية المنجزة، و التي نذكر منها على وجه الخصوص شبكة توزيع للمياه على طول يناهز 160 1 كيلومتر من القنوات (ذات القطر الصغير والكبير) ، و حوض للتخزين والترسيب بسعة تقدر بحوالي 000 100 متر مربع.
ولقد عرفت خدمات التزويد بالماء تحولا كاملا، إذ أصبحت تتم بشكل فردي وحسب الطلب (أصبح الربط بالشبكة وعدادات الاستهلاك فردية بدل الري بالتناوب الذي كانت تفرضه عدم مرونة شبكات الري السطحي) الشيء الذي أرسى مرونة عالية ونجاعة أكبر في استعمال مياه السقي. كما تم كذلك اعتماد زراعات ذات قيمة مضافة عالية، مكنت من تنويع التركيبة المحصولية وتحسين مستوى التكثيف الزراعي بنحو 20%. وعرف الإنتاج الفلاحي من جانبه كذلك ارتفاع بنسبة 25%، الشيء الذي مكن من تحسين دخل الفلاحين بنسبة تراوحت بين 20% و40%، فضلا عن مضاعفة السومة الكرائية للأراضي.
من أجل تنمية فلاحية مستدامة
تتوخى الاستراتيجية الفلاحية الجديدة "الجيل الأخضر 2020-2030" مواصلة المجهودات المبذولة في مجال ضبط وترشيد استعمال المياه في الفلاحة. وتطمح هذه الاستراتيجية إلى مضاعفة النجاعة المائية وتنمية قطاع زراعي ناجع وفعال من حيث احترام المنظومة البيئية. بالإضافة إلى إتمام عدة مشاريع جارية، ويتعلق الأمر بتفعيل الشق المتعلق بالمياه الزراعية في البرنامج الوطني للتزويد بمياه الشرب والري 2020-2027. ويهم هذا البرنامج مساحة إجمالية تناهز 000 510 هكتار لفائدة 000 160 مستفيد، باستثمار يصل إلى 14,7 مليار درهم.
وستوجه المجهودات التي ستبدل في هذا الصدد بشكل خاص إلى :